سنن السفر في الإسلام
يُعد السفر من الأمور التي يحتاجها الإنسان في حياته، سواءً كان للسياحة، أو العمل، أو الدراسة، أو لأداء العبادات كالحج والعمرة. وقد وضع الإسلام آدابًا وسننًا خاصة بالسفر تضمن للمسافر راحة وطمأنينة، وتجعله في معية الله سبحانه وتعالى. في هذا المقال، سنتحدث عن أهم السنن المتعلقة بالسفر.
أولًا: الاستعداد للسفر بالدعاء والاستخارة
يستحب للمسلم أن يصلي صلاة الاستخارة قبل السفر، خاصة إذا كان السفر غير ضروري، كالسفر للتجارة أو الدراسة، حيث يسأل الله أن يختار له الخير. ثم يُستحب أن يدعو بدعاء السفر الذي علّمه النبي ﷺ، وهو:
"اللهم إنا نسألك في سفرنا هذا البر والتقوى، ومن العمل ما ترضى، اللهم هوّن علينا سفرنا هذا، واطوِ عنا بُعده، اللهم أنت الصاحب في السفر، والخليفة في الأهل." (رواه مسلم).
ثانيًا: توديع الأهل والأصدقاء
كان الصحابة رضوان الله عليهم يحرصون على توديع بعضهم عند السفر، والدعاء لبعضهم، ومن الأدعية المأثورة عند التوديع:
"أستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك" (رواه الترمذي).
وكذلك يسن للمقيم أن يوصي المسافر بتقوى الله ويذكره بحقوق الله وأهمية الحفاظ على الصلاة والأذكار.
ثالثًا: اختيار يوم مناسب للسفر
كان النبي ﷺ يحب السفر يوم الخميس، حيث ورد في الحديث: "كان النبي ﷺ يحب أن يخرج يوم الخميس." (رواه البخاري). لذا يستحب السفر في هذا اليوم إن أمكن ذلك.
رابعًا: التكبير عند صعود المرتفعات والتسبيح عند النزول
من السنن المهجورة في السفر أن يقول المسافر "الله أكبر" عند صعود الجبال أو المرتفعات، ويقول "سبحان الله" عند النزول، وذلك اتباعًا لهدي النبي ﷺ وأصحابه.
خامسًا: صلاة المسافر (القصر والجمع)
يُرخص للمسافر قصر الصلاة الرباعية (الظهر، العصر، العشاء) إلى ركعتين، كما يجوز له الجمع بين الصلوات:
جمع تقديم: كجمع الظهر مع العصر في وقت الظهر.
جمع تأخير: كجمع المغرب مع العشاء في وقت العشاء.
قال الله تعالى: "وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا" (النساء: 101).
سادسًا: الدعاء عند دخول بلد جديد
من سنن السفر أن يدعو المسافر عند دخول بلد جديد:
"اللهم رب السماوات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، ورب الرياح وما ذرين، أسألك خير هذه القرية، وخير أهلها، وخير ما فيها، ونعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها."
سابعًا: عدم السفر وحده
يُستحب أن يكون السفر في جماعة، فقد قال النبي ﷺ: "لو يعلم الناس ما في الوحدة ما أعلم، ما سار راكب بليل وحده." (رواه البخاري). كما أوصى النبي ﷺ أن يكون للمسافرين أمير يوجههم وينظم شؤونهم.
ثامنًا: التعجيل بالعودة
إذا قضى المسافر حاجته، فمن السنة أن يعود سريعًا إلى أهله، فقد قال النبي ﷺ: "السفر قطعة من العذاب، يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه، فإذا قضى أحدكم نهمته فليعجل إلى أهله." (رواه البخاري ومسلم).
خاتمة
السفر تجربة مهمة في حياة الإنسان، وهو فرصة لكسب الأجر إذا التزم المسلم بسنن النبي ﷺ. فمن يستعد للسفر بالدعاء والاستخارة، ويلتزم بالآداب الإسلامية، ويذكر الله في طريقه، سيكون في حفظ الله وعنايته، وسيعود إلى أهله سالمًا غانمًا.
بهذه السنن، يصبح السفر عبادة وتقربًا إلى الله، وليس مجرد انتقال من مكان إلى آخر. نسأل الله أن يحفظ المسافرين ويوفقهم لكل خير.
تعليقات
إرسال تعليق